فضيحة : تهزّ الجامعة اللبنانية على عينك يا تاجر








الجمهورية
«يا عيب الشّوم، تفو عليُن!» قد لا توفّي هذه العبارة غضبَ أساتذةِ الجامعة اللبنانية حقَّه، إلّا أنّها تعكس موقف معظم المتفرّغين منهم والمتعاقدين على حدّ سواء، حيال آخر ما تشهده هذه المؤسّسة الحكومية من فصول. «فضيحة اللبنانية»، هكذا اتّفق معظمهم على وصفها، تمثّلت بصدور مرسوم تعيين الأستاذ جان عزيز بولس مواليد (1949/1/4) «المتعاقد بالساعة» في «ملاك اللبنانية»، في وقت ينتظر نحو 700 أستاذ إقرار ملفّ تفريغهم.
في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في 27 كانون الأوّل 2012، وأرجَأ فيها أيّ بحث في ملفّ تفرّغ أساتذة الجامعة اللبنانية المتعاقدين، بذريعة غياب مجلس الجامعة وإعطاء الأفضلية لتعيين العمداء، عمد مجلس الوزراء إلى تمرير المرسوم 9748، الذي يقضي بتعيين جان عزيز بولس في ملاك “اللبنانية” في كلّية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال.

“ما اكتَشفناه أخيراً، سابقةٌ في تاريخ الجامعة اللبنانية، لا بل فضيحة”. بنبرةٍ غاضبة يَروي أمين سرّ رابطة الأساتذة المتفرّغين حميد حكم آخر ما تشهده هذه الجامعة من فصول، موضحاً لـ”الجمهورية”: “لم يحصل في السابق أن عُيّن أستاذ متعاقد في الملاك مباشرة، إذ جرت العادة أن يدخل الأساتذة المتفرّغون في الجامعةِ الملاكَ بعد خدمة سنوات طويلة”. ويضيف: “قد يمكن لأستاذ، قبل أن يحال إلى التقاعد، أن يدخل مباشرة الملاك بقرار من مجلس الوزراء، إنّما شرط أن يكون متفرّغاً”.

مخالفة قانونية

وأكثر ما يزيد الطين بلّة، على حدّ تعبير حكم، أنّه “منذ العام 2008 تمّت الموافقة على عقود التفرّغ لأكثر من 680 أستاذاً، وهم حتى الآن لا يزالون ينتظرون تحضير مراسيم دخولهم الملاك”.

ويذهب حكم أبعد من ذلك، مؤكّداً أنّ “المراسيم والقوانين التي استند إليها هذا المرسوم، والتي أدرِجت في محاولة لتبرير هذه المحاصصة، لا تُبرّر بأيّ شكل، قانونية عملية إدخال الأستاذ جان عزيز الملاك، بل على العكس تماماً، هي شواهد ضدّ المرسوم”.

ويلفت إلى أنّ إعداد هذا المرسوم يخالف أنظمة الجامعة وتحديداً القانون 81/12 (المادة السادسة)، الذي أجاز صدورُه “للمتعاقدين المتفرّغين حاليّاً في الجامعة اللبنانية من ملاكات التعليم الرسمي، والمتعاقدين المتفرّغين من التفتيش التربوي مدّة لا تقلّ عن السنتين، الانتقالَ إلى ملاكها الدائم، على أن يكونوا مستوفين الشروطَ الأكاديمية للانتماء إلى هيئتها التعليمية”.

ويعتبر حكم أنّ ما ظهر أخيراً بمثابة “مؤامرة تُحاك ضدّ الجامعة”، مستنكراً بشدّة ما جرى. ويقول: “هذا تعَدٍّ على حرمة الجامعة، ودَوسٌ لكرامتها واستقلاليتها، لذا نستنكر بشدّة مضمون المرسوم لأنّه يستبيح حرمات الجامعة وقوانينها. “اللبنانية” ليست مجرّد مؤسسة إدارية عادية، إنّما صرح تربويّ حكومي في خدمة أكثر من 70 ألف طالب، ولا يمكن دخول أستاذٍ الملاكَ ما لم يكن متفرّغاً”.

قطبة مخفيّة

ويلفت حكم إلى أنّ “المرسوم كان سيُمرّر على نحو قطبة مخفيّة، من دون معرفة أحد إلّا الذين اقترحوه، خصوصاً أنّه لم يُشَر إليه في قرارات مجلس الوزراء، لكن تبيّن وجود خطأ ماديّ في تحديد رتبة الأستاذ وتصنيف درجته، لذا أعيدَ للمراجعة به وتصحيحه”.

ويضيف: “ما من حساسية حيال اسم الأستاذ الذي أدخِل الملاك، ولا نشكّ بقدراته وكفايته، صحيح أنّه موظف في مصلحة وزارة الطاقة، ومعروفة الجهة السياسية الداعمة له، لكنّنا حريصون على إنصاف جميع الأساتذة، ونرفض أيّ تواطؤ أو تمييز. وما حصل معيب جدّاً بحقّ مجلس الوزراء، لذلك نعتبرها فضيحة”.

وينهي حكم حديثه متأسّفاً: “هذه فضائحنا “على عينك يا تاجر”، في دولة المحاصصة، “ناس بسمنة وناس بزيت”، قليل من الحياء قد يكفي. ريثما يتمّ إلغاء المرسوم، سنتابع الموضوع بكلّ الإمكانات المُتاحة لنا”.

مفاجأة مشتركة!

نقمة الأساتذة المتعاقدين لا تختلف عن المتفرّغين، فتنقل ميرفت بلوط رئيسة الأساتذة المتعاقدين الصدمة التي ولّدها المرسوم، قائلةً لـ”الجمهورية”:

“منذ أكثر من عام والأساتذة المتعاقدون يصرخون، يعتصمون، يتظاهرون مطالبين بالتفرّغ، وعلى رغم أنّ إدارة الجامعة أعدّت عقود التفرّغ لعدد كبير منهم وأرسلته إلى مجلس الوزراء، عبر وزير التربية حسّان دياب الذي أكّد خلوّ الملف من أيّ شائبة، ولا بدّ من إقراره بصرف النظر عن غياب مجلس الجامعة، لا يزال أكثر من 600 أستاذ متعاقد ينتظرون إنصافهم نظراً إلى استيفائهم الشروط القانونية والأكاديمية”.

وتسأل بلوط مستغربة: “لا شكّ في أنّنا فوجئنا بالقرار، إذ كيف يستطيع مجلس الوزراء إصدار مرسوم إدخال أستاذ موظّف في الدولة، الملاكَ، قبل أيّام على تقاعده، ويعجز في الوقت عينه عن إقرار ملفّ أساتذة متعاقدين بحجّة غياب مجلس الجامعة؟”، محمّلة المسؤولية للحكومة مجتمعة.

صحيح أنّ شهر شباط الخاص للتسوّق والتنزيلات انتهى، إلّا أنّ فصوله لا تزال تلاطم “اللبنانية”، فهل من يحميها من “البزارات” وجشع المتآمرين؟





Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...